أكد تحليل صادر عن QNB Capital أن منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) تواجه خيارا صعبا في تحديد حصص الإنتاج خلال اجتماع المنظمة في فيينا في الثامن من يونيو المقبل، خاصة وأن الزيادة في أسعار النفط العالمية يمكن أن تؤثر على معدلات الطلب.
وتسعى الدول الأعضاء في منظمة أوبك، ومن بينها قطر، إلى تقليص حدة التقلبات في أسعار النفط في الأسواق العالمية من خلال تعديل حصص الإنتاج. وكانت آخر مرة قامت فيها المنظمة بتغيير حصص الإنتاج في نهاية عام 2008 عندما قلصت الإنتاج في أعقاب انهيار أسعار النفط نتيجة للازمة المالية العالمية.
وقد بدأت أسعار النفط في التعافي منذ منتصف عام 2009. كما شهدت أسعار النفط ارتفاعات قوية خلال الشهور القليلة الماضية ويرجع ذلك بشكل رئيسي لازدياد المخاوف حول التوترات في منطقة الشرق الأوسط، لكن أيضا كان لحالة التفاؤل بشأن أداء الاقتصاد العالمي دورا في هذه الارتفاعات. وشهد مزيج برنت المرجعي في أسواق النفط عملية تصحيح حادة في الخامس من مايو عندما فقد 12 دولارا في جلسة واحدة وهو أعلى معدل انخفاض يومي يشهده في تاريخه. غير أن عملية التصحيح هذه تبدو نتيجة للمضاربات حيث شهدت جميع السلع الأخرى انخفاضات قوية بجانب النفط. كما أن مستويات أسعار النفط الحالية تعتبر مرتفعة مقارنة مع مستويات الأسعار التاريخية.
ويؤكد تحليل QNB Capital أن العوامل الأساسية من العرض والطلب تلعب دورا جوهريا في تحديد أسعار النفط، إلا أن هناك عمليات متاجرة في النفط بهدف المضاربات أو من أجل التحوط ضد ارتفاع معدلات التضخم. ولذلك نجد أن أسعار النفط تبتعد أحيانا عن أساسيات السوق مثلما حدث في صيف عام 2008.
ويتحدد الطلب العالمي على النفط من خلال عدة عوامل طويلة وقصيرة الأجل مثل أسعار النفط. وحاليا نجد أن معدلات الاستهلاك تتراجع في أغلب الدول المتقدمة، غير أن الولايات المتحدة تعتبر استثناءا ملحوظا لهذا الاتجاه في الأسواق. ويأتي هذا التراجع نتيجة لارتفاع كفاءة استهلاك النفط في الدول المتقدمة، فضلا عن الزيادة في استخدام مصادر الطاقة البديلة للنفط في محطات توليد الطاقة وفي السيارات.
من ناحية أخرى، فإننا نجد ارتفاع في استهلاك النفط في معظم الدول النامية، خاصة الدول التي تشهد زيادة سريعة في أعداد السكان ومستويات المعيشة.
وتتوقع أكبر ثلاث هيئات مختصة بأسواق النفط ارتفاع الطلب العالمي بمعدل 1.5 في المائة خلال 2011. فقد توقع تقرير منظمة أوبك لشهر مايو ارتفاع الطلب بمعدل 1.4 مليون برميل يوميا خلال العام الجاري، في حين خفضت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية توقعاتها بشأن النمو في الطلب الأمريكي إلى 120 ألف برميل يوميا، وبذلك أصبحت متوافقة مع توقعات منظمة أوبك. وأخيرا، قلصت وكالة الطاقة الدولية توقعاتها بشأن النمو في الطلب من 1.5 مليون برميل يوميا إلى 1.3 مليون برميل يوميا نتيجة لارتفاع أسعار النفط. هذا مقارنة مع معدلات نمو بلغت 2.8 مليون برميل يوميا خلال 2010.
وحيث أن أوبك تمثل 40 في المائة من الإنتاج العالمي للنفط فإن قراراتها بشأن معدلات الإنتاج تعتبر مؤشر مهم لإمدادات النفط. لكن هناك عوامل أخرى تؤثر على إمدادات النفط في الأسواق العالمية حيث نجد عمليات استغلال لحقول نفط جديدة، فضلا عن أن مستويات الإنتاج في الحقول الحالية ترتفع وتنخفض طبقا لمعدل المخزون فيها. كما أن الكوارث الطبيعية والاضطرابات السياسية تؤثر أيضا على إمدادات النفط، حيث نجد أن إنتاج ليبيا من النفط تراجع بشدة من 1.5 مليون برميل يوميا ليصل على 300 ألف برميل يوميا خلال ابريل الماضي.
ولذلك يرى تحليل QNB Capital أن أوبك تواجه قرارا صعبا لتحقيق التوازن بين العرض والطلب، حيث أن ارتفاع أسعار النفط يمكن أن يؤدي إلى عرقلة النمو الاقتصادي في الدول المستوردة للنفط ومن ثم يؤدي إلى تراجع الطلب إلى مستويات أدنى من مستويات العرض وينتج عن ذلك انهيار في أسعار النفط. وإذا كان التراجع في نمو الطلب العالمي الذي تتوقعه هذا العام الهيئات المتخصصة يأتي نتيجة لارتفاع أسعار النفط فإنه سيتعين على أوبك زيادة حصص الإنتاج. لكن هذه الزيادة يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع معدلات العرض على الطلب وبالتالي تؤدي إلى انهيار الأسعار.
ويتوقع تحليل QNB Capital أن تنتظر أوبك مزيدا من الوقت حتى تتضح الأوضاع الفعلية في أسواق النفط وبذلك يمكن أن تحافظ على حصص الإنتاج الحالية خلال اجتماعها في يونيو. وفي الواقع صرح عدد من وزراء النفط في الدول الأعضاء في المنظمة مؤخرا بأن هناك إمدادات كافية في الأسواق العالمية. وفي أفضل الحالات يمكن أن تتخذ أوبك قرارات بشأن تعديل حصص الإنتاج لبعض الدول الأعضاء الذين ينتجون مستويات أعلى من الحصص المقررة لهم، وهي ممارسة زادت مع ارتفاع أسعار النفط مؤخرا. وفي حال حدث ذلك فإننا يمكن أن نشهد تغييرات محدودة في حصص الإنتاج، لكن بدون أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع حقيقي في مستويات إنتاج النفط.