QNB

اقتصاد منطقة اليورو يُتوقع أن يحقق أداءً متفوقاً خلال النصف الثاني من 2020

نشر يوم : Sun, 02 Aug 2020

تسير منطقة اليورو الآن بخطى ثابتة نحو التفوق على الاقتصاد الأمريكي خلال النصف الثاني من عام 2020. فقد تمكنت من السيطرة على جائحة كوفيد- 19 بشكل جيد بفضل إجراءات الإغلاق المحلية، والتباعد الاجتماعي، والالتزام بارتداء الكمامات على نطاق واسع. ونتيجةً لذلك، ظلت حالات الإصابة الجديدة منخفضةً في أوروبا على الرغم من استمرار عمليات إعادة فتح الاقتصاد (الرسم البياني 1). ولا يزال احتمال ظهور موجة ثانية من الوباء يشكل خطراً، لكن تحليلاتنا تشير إلى أن أوروبا في وضع جيد لمواصلة عمليات إعادة الافتتاح دون حدوث زيادة كبيرة في حالات الإصابة الجديدة التي تتطلب فرض إغلاقات موسعة.

QNB

ومع أخذ ذلك في الاعتبار، سنسلط الضوء في هذا التقرير على أربعة عوامل أخرى تدعم استمرار التعافي الاقتصادي في منطقة اليورو.

أولاً، لا تزال المؤشرات المبكرة للنشاط تشير إلى أن اقتصاد منطقة اليورو يتعافى بسرعة من التباطؤ الحاد الذي حدث خلال الربع الثاني من العام. فقد شهد نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لمنطقة اليورو تراجعاً قياسياً في الربع الثاني، ولكن ذلك الضعف كان يُعزى للتدابير المتخذة للسيطرة على الوباء وقد تم تجاوزه الآن. وارتفع مؤشر مديري المشتريات فلاش المركب في منطقة اليورو إلى 54.8 نقطة في يوليو، وهي أقوى قراءة يتم تسجيلها منذ أوائل عام 2018. وبالطبع، لا يزال معدل النشاط منخفضاً بالمقارنة مع مستويات ما قبل كوفيد- 19، لكننا نتوقع حدوث نمو قوي في الربع الثالث. وبما أن الانفاق الاستهلاكي في الولايات المتحدة يُرجح أن يتأثر سلباً خلال موسم الصيف جراء العودة لفرض تدابير لاحتواء الوباء، نتوقع أن يتفوق اقتصاد منطقة اليورو على الاقتصاد الأمريكي في النمو خلال النصف الثاني من عام 2020.

ثانياً، اتخذ قادة الاتحاد الأوروبي خطوةً كبيرةً إلى الأمام من خلال التوصل إلى اتفاق بشأن خطة التعافي الاقتصادي والميزانية متوسطة الأجل خلال الأسبوع الماضي. وتعتبر الصفقة النهائية التي تم التوصل إليها في هذا الصدد أقل طموحاً مما كان مخططاً، حيث تضمنت مِنحاً بقيمة 390 مليار يورو فقط، أي أقل من مبلغ 500 مليار يورو المذكور في المقترحات الأولية. وعلى الرغم من ذلك، نرى بأن الاتفاق يعتبر خطوةً أخرى مهمة بالنسبة لأوروبا. وتقدر مؤسسة غولدمان ساكس أن "إيطاليا وإسبانيا ستحصلان على منح بنسبة 5% و6% من الناتج المحلي الإجمالي، على التوالي، خلال الفترة من 2021 إلى 2023، بالإضافة إلى قروض بسعر فائدة مخفض تبلغ نسبتها 7% من الناتج المحلي الإجمالي". وإلى جانب مشتريات البنك المركزي الأوروبي من سندات الدين الحكومية، فإن خطة التعافي هذه ستسد فجوة التمويل المالي في منطقة اليورو لفترة سنتين إلى ثلاث سنوات. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الخطة تُظهر التزاماً عميقاً بمشروع الوحدة الأوروبية، مما يعزز الآمال بشأن تحقيق التكامل المالي.

ثالثاً، ستتيح خطة التعافي اتخاذ المزيد من التدابير المالية على المستوى الوطني (الرسم البياني 1). ونتوقع أن تقوم حكومات منطقة اليورو بتوسيع البرامج التي تدعم الشركات والعاملين على تجنب التسريح من العمل، والتي كانت فعالة في الحد من ارتفاع معدل البطالة. وقد تم بالفعل الإعلان عن تحفيز تقديري إضافي في ألمانيا (حوالي 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي) وفرنسا (حوالي 4% من الناتج المحلي الإجمالي)، كما نتوقع تقديم تحفيز إضافي في إيطاليا (حوالي 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي) وفي إسبانيا. وسيكون ذلك مدعوماً بأدوات ضبط تلقائي وضمانات قروض كبيرة (التزامات طارئة)، مما سيوفر دعماً مالياً كبيراً في جميع أنحاء منطقة اليورو.

QNB

رابعاً، بعد اتخاذه لإجراءات حاسمة في يونيو، يقوم البنك المركزي الأوروبي حالياً بتقديم محفزات نقدية كبيرة من خلال أسعار الفائدة المخفضة وضخ السيولة والتيسير الكمي. وقد تباطأ التضخم في منطقة اليورو بالفعل، مع تراجع التضخم الأساسي في المؤشر المنسق لتضخم أسعار المستهلكين (HICP) إلى 0.8% على أساس سنوي في يونيو من 1.2% في فبراير. وأكدت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، أنه في ضوء عدم اليقين المتزايد وانخفاض ضغوط الأسعار، يعتزم البنك المركزي الأوروبي الاستفادة بشكل كامل من زيادة نطاق البرنامج الخاص بالشراء الطارئ للأصول للاستجابة لتداعيات كوفيد- 19. ولذلك نتوقع أن يستمر البنك المركزي الأوروبي في تمديد البرنامج حتى منتصف عام 2021، قبل إعادة التركيز على مجموعة الأدوات المحدودة التي كان يستخدمها قبل التيسير الكمي.

إن السيطرة الفعالة على الوباء وتحسن البيانات والدعم الكبير المقدم من خلال السياستين المالية والنقدية جميعها عوامل تؤيد الآراء التي تفيد بأن اقتصاد أوروبا سيتفوق على الاقتصاد الأمريكي خلال النصف الثاني من عام 2020. وما زلنا نتوقع حدوث تباين واضح في الأداء بين شمال وجنوب منطقة اليورو، حيث تتعافى ألمانيا وفرنسا ودول الشمال بشكل أسرع بكثير من دول الجنوب الأكثر عرضة لمخاطر ظهور موجة ثانية نظراً لاعتماد اقتصاداتها على السياحة.

يمكنك أيضاً تنزيل نسخة PDF من التقرير   عربي و English