تُعرف فيتنام بأرض "التنين الصاعد" نظراً لشكلها الجغرافي وقوة وصلابة اقتصادها (انظر: فيتنام تظل تنيناً صاعداً رغم كوفيد- 19).
بفضل الإغلاق المبكر والفعال للحدود والتتبع الصارم للمخالطين، تمكنت فيتنام من التغلب على الموجة الأولى من جائحة كوفيد- 19 بشكل أفضل من معظم البلدان الأخرى. ومع ذلك، تسبب تفشي الوباء في مدينة دانانغ خلال الصيف في موجة ثانية من العدوى (انظر الرسم البياني 1). لحسن الحظ، تمكنت السلطات- بفعل التركيز على تتبع المخالطين- من إعادة السيطرة على الفيروس بأقل قدر من الاضطراب في الاقتصاد.
تشير البيانات الرسمية للربع الثالث من عام 2020 إلى أن الناتج المحلي الإجمالي لفيتنام نما بنسبة 2.6% على أساس سنوي، وذلك أقوى مما توقعناه في وقت سابق من العام (انظر الرسم البياني 2 أدناه وتقريرنا الخاص بالرؤية الاقتصادية للاطلاع على توقعاتنا السابقة). وقد كان التعافي القوي في فيتنام مدفوعاً بثلاثة عوامل رئيسية: احتواء تفشي كوفيد- 19 بنجاح، ومرونة الصادرات، والدعم من خلال السياستين المالية والنقدية، الذي كان له إسهام أكبر.
أولاً، تم اتخاذ تدابير قوية وفعالة للسيطرة على انتشار كوفيد- 19
بعد ما يقرب من 100 يوم دون حدوث أي تفشي مجتمعي للوباء، واجهت فيتنام تفشياً مفاجئاً في أواخر يوليو نشأ في مدينة دانانغ (الرسم البياني 1). وفرضت السلطات بسرعة إغلاقاً على المنطقة المحيطة واعتمدت تدابير خاصة بالتباعد الاجتماعي في كافة أرجاء البلاد. وكان لهذا الإجراء تأثير سلبي طفيف على قطاعي التجزئة والترفيه. ومع ذلك، فقد تم الإبقاء على المصانع مفتوحة، مما قلص الاضطراب في القطاع الصناعي إلى أقل حد ممكن. وتجدر الإشارة إلى أن الاستجابة كانت فعالة في السيطرة على تفشي الوباء، مع تسجيل أقل من أربع حالات جديدة يومياً في سبتمبر، بانخفاض عن الذروة التي تجاوزت 50 حالة يومياً في أغسطس.
ثانياً، قوة ومرونة قطاع الصادرات الفيتنامي
بلغت الصادرات مستوى قياسي في أغسطس على الرغم من ضعف الطلب العالمي. وقد كان الطلب القوي على الأجهزة الإلكترونية عاملاً مهماً حيث يشكل قطاع الأجهزة الإلكترونية حوالي 40% من إجمالي الصادرات الفيتنامية. وقد ظل الطلب على الأجهزة الإلكترونية مدفوعاً بعمل الموظفين من المنزل في جميع أنحاء وحاجتهم إلى الوصول لوسائل تكنولوجيا معلومات سريعة وموثوقة. كما شهدت صادرات فيتنام إلى الولايات المتحدة نمواً بنسبة 20% على أساس سنوي بفعل التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، مع تحول المستوردين من الصين إلى مصادر إمداد بديلة من أجل تجنب التعريفات الجمركية الأمريكية. كما تستفيد فيتنام من اتفاقية التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي التي دخلت حيز التنفيذ في أغسطس.
ثالثاً، الدعم القوي عبر السياسات الاقتصادية، مع دور محوري للبنك المركزي
في الأول من أكتوبر الجاري، أقدم بنك فيتنام المركزي على خفض أسعار الفائدة الرسمية بواقع 50 نقطة أساس، ليصل إجمالي مقدار تخفيف السياسية النقدية إلى 200 نقطة أساس منذ بداية الجائحة. وفي ظل بقاء التضخم مكبوحاً عند 3.9% فقط على أساس سنوي في سبتمبر، لا يزال أمام بنك فيتنام المركزي المجال لتخفيف أسعار الفائدة أكثر لمواجهة أي صدمات سلبية. علاوة على ذلك، يتمتع النظام المصرفي بوفرة السيولة، مما يتيح المجال للبنوك التجارية لخفض أسعار الفائدة لديها أكثر دون الحاجة إلى تخفيض أسعار الفائدة الرسمية. وفيما يتعلق بالجانب المالي، شهدت فيتنام ارتفاعاً قوياً في الانفاق الاستثماري الحكومي بنسبة 25% على أساس سنوي. لكن، من المرجح أن تقتصر الحزمة الثانية من التحفيزات على 1% من الناتج المحلي الإجمالي (60 إلى 70 مليار دونغ فيتنامي) من أجل الإبقاء على الدين الحكومي تحت مستوى 60% من الناتج المحلي الإجمالي.
وبالتالي، فإننا نرفع توقعاتنا لنمو الناتج المحلي الإجمالي في فيتنام إلى 2.9% هذا العام، بالنظر إلى آخر البيانات عن الربع الثالث والعوامل الثلاثة التي تطرقنا إليها أعلاه. ومن شأن ذلك أن يجعل من فيتنام أفضل الاقتصادات أداءً في المنطقة. ورغم أن الارتفاع الإضافي في حالات الإصابة الجديدة بفيروس كورونا قد يؤثر سلباً على التوقعات، إلا أن سجل الأداء الجيد للحكومة الفيتنامية، إلى جانب إجراءات الحجر الفعالة، تمنحنا الثقة في قدرة فيتنام على مواصلة احتواء الفيروس بأقل مستوى من الاضطراب في الاقتصاد.
يمكنك أيضاً تنزيل نسخة PDF من التقرير عربي و English