QNB
QNB

نمو الناتج الإجمالي العالمي يتباطأ لكن يُستبعد حدوث أزمة كبيرة

نشر يوم : Sun, 14 Apr 2019

يمكنك أيضاً تنزيل نسخة PDF من التقرير  عربي و English

في آخر إصدار من تقرير آفاق الاقتصاد العالمي، توقع صندوق النقد الدولي تباطؤ معدل نمو النشاط الاقتصادي العالمي (الناتج المحلي الإجمالي) بشكل مؤقت إلى 3.3% في عام 2019 من 3.6% في عام 2018. وظل صندوق النقد الدولي يخفض تقديراته وتوقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بصورة منتظمة خلال العام الماضي (انظر إلى الرسم البياني).

لكن الصندوق يتوقع تعافي نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي في عام 2020 إلى 3.6%، مدفوعاً باستمرار سياسة التحفيزات في الصين وتحسن المزاج الاستثماري في السوق المالية العالمية.

 

chart

يرجع تباطؤ النمو في عام 2018 وتخفيض التوقعات إلى أربعة عوامل رئيسية:

أولاً، بالرغم من أن الاقتصاد الأمريكي سجل أقوى أداء له في ثلاثة سنوات خلال عام 2018، حيث نما بنسبة 2.9%، إلا أنه بدأ يتراجع في الفصل الرابع من عام 2018. وبدأ زخم نمو الناتج المحلي الإجمالي يتباطأ بفعل تلاشي المحفزات المالية وتشديد الأوضاع المالية وتباطؤ وتراجع ثقة القطاع الخاص. وقد أدى التشديد الاحترازي للسياسة النقدية من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي إلى الحيلولة دون إنهاك الاقتصاد الأمريكي وساعد في ضبط التضخم على الرغم من تدني معدلات البطالة.

ثانياً، تراجع النمو في الصين في الربع الأول من عام 2018 بسبب القيود التنظيمية التي تهدف إلى كبح جماح نظام الظل المصرفي والحد من الاستدانة. وأدى ذلك إلى مزيد من الانخفاض في جميع محركات الطلب المرتبطة بالناتج المحلي الإجمالي كالاستهلاك والإنفاق الاستثماري والحسابات الخارجية. وفي وقت لاحق من العام، أدى التهديد باندلاع حرب تجارية بين الولايات المتحدة والصين إلى تدهور التوقعات على الرغم من تدخل الحكومة لتحفيز النمو من خلال زيادة الإنفاق الاستثماري. وعلاوة على ذلك، أثر التهديد بنشوب حرب تجارية على الاقتصادات الآسيوية المجاورة (سنغافورة وماليزيا وإندونيسيا وفيتنام وكوريا وتايوان) وأدى إلى تراجع توقعاتها الاقتصادية.

ثالثاً، فقد اقتصاد منطقة اليورو زخماً أكبر من المتوقع بسبب ضعف ثقة المستهلكين والشركات نتيجة العديد من الأحداث المستقلة والتي ترتبط ببلدان معينة. فقد تضررت صناعة السيارات في ألمانيا من تطبيق المعايير الجديدة المتعلقة بالانبعاثات المعروفة باسم "إجراء اختبار السيارات الخفيفة العالمي الموحد". وفي فرنسا، تأثر النمو سلباً بتأخر البرنامج الإصلاحي للرئيس ماكرون. وفي إيطاليا، أدت المخاوف بشأن تجاوز العجز المالي لمعايير التقارب الخاصة بالاتحاد الأوروبي إلى اتساع هوامش السندات السيادية وتدني طلب المستثمرين للتعويض عن المخاطر الإضافية المتصورة.

رابعاً، تراجع مزاج الأسواق المالية العالمية مع تشدد الأوضاع المالية في الولايات المتحدة والاقتصادات المتقدمة في وقت لاحق من العام، وقد أثر ذلك سلباً على الطلب العالمي.

منذ بداية هذا العام، شهدت الأوضاع انفراجاً قليلاً مع إشارة بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى اتخاذه لموقف أكثر تساهلاً بشأن سياسته النقدية لمقابلة تأثير زوال المحفزات المالية. وبالإضافة إلى ذلك، أصبحت الأسواق أكثر تفاؤلاً فيما يخص احتمال توصل الولايات المتحدة والصين إلى اتفاق تجاري جزئي. ويفتح هذا الأمر المجال لتوقعات أكثر إيجابية بشأن 2020. إن الارتفاع المتوقع في 2020 سيكون مدفوعاً باستمرار سياسة التحفيزات في الصين والتحسن الأخير في مزاج الأسواق المالية العالمية، وتلاشي بعض عوامل السحب المرحلية للنمو في منطقة اليورو.

ومن شأن أي تصعيد إضافي للتوترات التجارية وتزايد عدم اليقين الناتج عنها أن يؤثر سلباً على النمو من خلال إحداث تدهور حاد في مزاج السوق، وهو ما سيؤدي إلى إعادة توازن المحافظ الاستثمارية نحو الملاذات الآمنة، وتراجع التوقعات الاقتصادية بشكل عام، خصوصاً للاقتصادات الناشئة الهشة.

وهناك سببان آخران يُحتمل أن يؤديا إلى تدهور حاد في مزاج السوق، وهما خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوربي دون التوصل لاتفاق، وزيادة حالة عدم اليقين بشأن الوضع المالي مع ارتفاع عوائد السندات الإيطالية.

ورغم هذه المعيقات، لا يزال نمو الاقتصاد العالمي قريباً من المعدل المتوسط للمدى الطويل (انظر إلى الرسم البياني). ومن المرجح أن يكون تباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بسيطاً، ويظل احتمال حدوث أزمة حقيقية مستبعداً. وبالفعل، من الممكن أن تحدث مفاجأة إيجابية في النمو العالمي إذا تم حل الخلافات التجارية بسرعة، مما سيعزز الثقة في الأعمال التجارية ومزاج المستثمرين.